يكتب عامر سلطان أن وثائق بريطانية رفعت عنها السرية حديثًا كشفت عن دعم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك للجهود الأمريكية والبريطانية لإلحاق الهزيمة بصدام حسين خلال حرب الخليج، وتوقّعه أن تؤدي الهزيمة العسكرية إلى سقوط نظامه.

تشير منصة ميدل إيست مونيتور إلى أن الوثائق، التي نشرها الأرشيف الوطني البريطاني، أظهرت أن مبارك حثّ رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور على تجاهل الرأي العام العربي والمضي قدمًا في الحملة العسكرية. واعتبر أن الهزيمة العسكرية ستدفع الجنرالات العراقيين إلى الإطاحة بصدام.

في 2 أغسطس 1990، اجتاحت القوات العراقية الكويت، ما أدى إلى إدانة دولية واسعة، وفي 17 يناير 1991 أطلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها عملية "عاصفة الصحراء" لتحرير الكويت. وبعد نحو ثلاثة أسابيع، قدم مبارك نصيحته.

أثناء مكالمة هاتفية، ناقش ميجور احتمال انسحاب مفاجئ للعراق، معبّرًا عن مخاوف من أن يُصوّر صدام ذلك كـ"نصر رمزي" لمجرّد تحديه للولايات المتحدة. وأصر على ضرورة إلحاق الهزيمة والإذلال بصدام، وتدمير قدراته العسكرية.

وافق مبارك، متوقّعًا أن يُطاح بصدام بعد هزيمته. وأكد ضرورة الضغط على الحرس الجمهوري العراقي. حتى لو انسحب صدام، فإن تدمير قدراته العسكرية سيجعله عاجزًا عن البقاء في السلطة. وأعاد التأكيد على أن الهزيمة العسكرية كفيلة بإسقاط النظام.

إطلاق الحملة الجوية دفع العراق إلى قصف إسرائيل بالصواريخ، ما أثار احتجاجات مؤيدة للعراق في دول عربية عدة، وأثار قلقًا في واشنطن ولندن.

عند سؤاله عن الرأي العام العربي، نصح مبارك ميجور "بعدم إعارة اهتمام كبير له". وبشأن مصر، قال إن لديه دعمًا كاملًا من الشعب والبرلمان والمؤسسات الوطنية.

أثنى ميجور على موقف مبارك، معتبرًا أنه قدم "قيادة واضحة وصريحة" في أزمة الخليج حظيت بإعجاب بريطاني واسع. ورد مبارك بأن الأمر "مسألة مبدأ" بالنسبة لمصر، وتعهد بعدم التراجع.

تكشف وثائق أخرى أن صدام حاول "رشوة" مبارك لكسب دعمه ضد الكويت، وفق ما أبلغ به الرئيس المصري الجانب البريطاني.

في وقت سابق، التقى نائب الرئيس الأمريكي دان كوايل بميجور في لندن، وأعرب عن قلقه من تصاعد تأييد صدام بين المسلمين، ليس فقط في الشرق الأوسط بل حتى في آسيا، واصفًا ذلك بالتطور المقلق.

عند سؤاله عما إذا كان البريطانيون يؤيدون الإطاحة بصدام، أجاب ميجور أن ذلك "لا يمكن أن يكون هدفًا معلنًا"، لكن كوايل أشار إلى تنامي الرغبة داخل الولايات المتحدة للإطاحة به، مع التحفّظ على واقعية مثل هذا الهدف.

بعض المسؤولين الأمريكيين ناقشوا إسقاط صدام كهدف محتمل للحرب، لكن مستشار الأمن القومي الأمريكي آنذاك، برنت سكوكروفت، أخبر كبير موظفي ميجور أن الخطة غير قابلة للتنفيذ، معوّلًا على "ضربة محظوظة" أو انقلاب داخلي.

حذرت لندن من سيناريو ينسحب فيه صدام من الكويت بينما يحتفظ بقدراته العسكرية، ما يمكنه من إعلان نصر واستئناف التهديد لاحقًا، خصوصًا ضد إسرائيل.

في محادثة بين الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب وميجور، اتفق الطرفان على ضرورة أن "يخسر صدام ويُذل"، وشدّد بوش على منعه من أن يصبح "ناصرًا جديدًا"، في إشارة إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. وأعرب عن أمله في أن يتخلص العراقيون من صدام بأنفسهم.

كما أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها من تنامي مشاعر العداء للتحالف داخل العالم العربي، رغم أنها لم تكن بحدة ما كان متوقعًا.

في مكالمة أخرى، حذّر وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر نظيره البريطاني دوغلاس هيرد من توسعة أهداف الحرب لتشمل إسقاط صدام، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تعقيد المشهد. وأشار إلى أن الرأي العام الأمريكي كان يميل إلى قتل صدام أو محاكمته، لكنه حذر من أن مثل هذا التصعيد قد يؤدي إلى الفشل.

بيكر وهيرد أعربا عن مخاوف من أن تتسبّب الإطاحة بصدام في التزامات إضافية، مثل حماية العراق من طموحات تركيا أو سوريا الإقليمية.

الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران شارك تلك المخاوف، محذرًا من أن بقاء صدام قد يجعله بطلًا في العالم العربي. وشدّد على ضرورة هزيمته بوضوح، وفرض تسوية صارمة تمنع وصول العراق إلى السلاح مستقبلًا.

قبل ساعات من انتهاء مهلة التحالف لصدام في 23 فبراير 1991، قدّم العراق عرضًا بوقف إطلاق النار. لكن مبارك اتصل بميجور محذرًا إياه من الوثوق بصدام، قائلاً إن العراقيين "يكذبون دائمًا"، وإن الوقت "قصير جدًا".

كما أبلغه أنه ناقش الموضوع مع الرئيس الأمريكي بوش.

وفي 26 فبراير 1991، تحررت الكويت بعد انسحاب الجيش العراقي إثر هجوم بري استمر أربعة أيام. وفرضت الأمم المتحدة عقوبات شاملة على العراق، شملت حظر تصدير النفط، ما أدى إلى أزمة إنسانية استمرت أكثر من عقد.

وفي 2003، قادت الولايات المتحدة غزوًا جديدًا للعراق بزعم امتلاك صدام أسلحة دمار شامل ودعمه للإرهاب، وهي مزاعم لم تُثبت. وانتهى الغزو بسقوط نظامه.

https://www.middleeastmonitor.com/20250802-mubarak-endorsed-american-and-british-plan-to-humiliate-saddam-in-kuwait-predicting-his-regimes-fall-british-documents-reveal/